في ليلة رطبة ومظلمة من يناير عام 2018، خضت بقدمي في برك المياه التي غطت الطريق المتجه إلى بلدة في وسط أيرلندا، حيث كان عليَّ أن ألقي محاضرة عن الشيخوخة والصحة لسكان البلدة. وخلال تلك الرحلة العصيبة، زاد شعوري باليأس في جذب الجمهور في مثل هذه الليلة السيئة. لقد استُضفت في فندق بارد الأجواء يستضيف عادة الجنازات وحفلات الزفاف، لكن في ذلك اليوم كان سيتم إلقاء "المحاضرة الأولى ضمن جولة في أيرلندا يشارك فيها أساتذة كلية ترينيتي أبحاثهم الجديدة" حسب الوصف الذي كتبوه.
كانت القاعة كبيرة وباردة وفارغة، وبدت المنصة الصغيرة في مكان لا يناسبها، وتواجه عددًا من مقاعد الزفاف الذهبية التي لا يشغلها أحد. أما جهاز العرض فكان قديمًا جدًّا ولا يتوافق مع نظام الباور بوينت الخاص بنا، لذلك توجه مساعدي الشخصي في الليل لإحضار مصدر تكنولوجي بديل. غمغمت لنفسي قائلة: "لابد أنني مجنونة"، وواجهت مدير الفندق الخجول الذي أكمل شعوري بالتخوف والحزن بالاعتذار بسبب فعالية دينية تقام في الجهة المقابلة من الشارع، وهي حدث سنوي تقيمه إحدى دور العبادة، وتستضيف فيه رجال الدين. شعرت بخيبة الأمل، فمع وجود هذه الفعالية في ريف أيرلندا، فإن المنافسة لن تكون عادلة.
ومع ذلك وجدت القاعة تمتلئ شيئًا فشيئًا بأشخاص من جميع الأعمار، أمهات في الثلاثينيات من أعمارهن مع أطفالهن، ورجال ونساء يبلغون من العمر 50 و60 و70 عامًا. ثم وقفت حافلتان وأفرغتا ما فيهما من أشخاص قادمين من المناطق الريفية والقرى المحيطة. حضر بعد ذلك نزلاء من إحدى دور الرعاية كان قد أوصلهم ضابط شرطة متطوع وودود يرتدي زيه الرسمي الكامل. بدأ المكان الفارغ يزدحم ويملؤه الدفء مع تصاعد أصوات الثرثرة والضحكات وخشخشة الأواني الخزفية. كما تطوع نادي جي إيه إيه لكرة القدم المحلي بتقديم الشاي والقهوة والكعك. بينما تلألأت الجائزتان الرياضيتان الأكثر أهمية في أيرلندا: كأس سام ماجواير، وكأس ليام مكارثي في نافذة عرض قريبة؛ ما حفز الجمهور المكتظ على التقاط الصور ومشاركة الضحكات، كما جلبت فرقة أطفال محلية آلاتها الموسيقية، وجلس الجمهور في مقاعدهم، واستعددت لإلقاء محاضرتي الأولى من محاضراتي العديدة على إيقاع الموسيقى المصاحبة