في هذه الرواية البديعة نسبح معًا داخل العقل الباطن لرجلٍ يجسد مثال حي للتقلبات الحقيقية للنفس البشرية، والأطماع التي تقف حائلًا بين بطل حكايتنا وبين بلوغ ما يصبو إليه من عيشة كريمة وحب يستلزم قدر هائل من التضحيات مُعلم يحيد عن عمله التربوي ويقرر السير في طريق المحاولة لكسب الكثير من الأموال من أقرب بوابة إليها، إلى أن نفاجئ معه بالدخول في دائرة من الرهانات التي تفرضها عليه الحياة في أحلك الظروف لتختبر قدرته على التحمل، فهل سيصمد إلى النهاية أم ستنهار حياته بالكامل؟
عن دوستويفسكي
يتسائل الكثيرون، لماذا دوستويفسكي تحديدًا؟ ما سر كل هذه العبقرية الأدبية النادرة؟ الأمر ليس مجرد كاتب موهوب ولغة بديعة وتمكن من الغوص في تفاصيل النفس البشرية؟ الأمر أبعد من هذا بكثير.
في 23 ديسمبر/ كانون الأول عام 1849 وفي سان بطرسبرغ حُكم على الشاب “دوستويفسكي” ومجموعة من المفكرين بالإعدام رميًا بالرصاص، وقبل تنفيذ الحكم الذي انتظره دوستويفسكي لأربعة أشهر، وعلى منصة تنفيذ حكم الإعدام، صدر مرسوم من القيصر بالعفو عن المجموعة واستبدال عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة في جليد سيبيريا. لك أن تتخيل أن كاتبًا بحجم وموهبة ديستويفسكي كان يقف على منصة الإعدام منتظرًا الرصاصة التي ستذهب بحياته، واجه الموت ونظر في عينيه، بل انتظره طويلاً لأربعة أشهر تلاها بأربعة أعوام من الخدمة الشاقة في جليد سيبيريا. ومن رحم المعاناة واليأس والترقب وفقدان الأمل في الحياة، وُلدت عبقرية فذة غير مسبوقة لكاتب كان في الأصل شديد البراعة، فكان الناتج الأخير موهبة أصيلة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا. كان الناتج فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي ورواياته العظيمة.