ينسجل حديثنا في هذا الكتاب على موضوع المغالطات المنطقيَّة، ولكن من زاويةٍ مختلفة نوعًا ما عمَّا هو مزبورٌ في كُتُب المغالطات المنطقيَّة، فهذا الكتاب يتصدَّى لمهمَّة تعميق بعض الخطوط الباهتة، وتسليط الضَّوء على بعض المناطق التي لم تأخذ حقَّها من الإضاءة، وتكثيف ما هو خفيفٌ ورهيف هنالك... والأفكار الرَّئيسة الآخذة بأضبُع كتابنا تتمحور حول أمرين: الأوَّل: الكشف عن وجوه بعض المغالطات المنطقيَّة المغفول عنها أو المهمَّشة في سياق المغالطات المنطقيَّة، وإن وردت الإشارة إلى بعضها في السياقات الأخرى، كالسياقات اللُّغويَّة أو الأصوليَّة أو الفلسفيَّة، لا باعتبارها تحمل اسمًا أو هويَّة تُثبت انتسابها لركْب المغالطات المنطقيَّة، فهي متوخَّاةٌ أو ملقاةٌ هنالك؛ لغرضٍ آخر، ولمناسبةٍ مختلفة جدًّا. الآخر: تصعيد النَّظر وتقليبه في بعض المغالطات المنطقيَّة الشَّائعة من حيث السياقات أو التَّقييدات التي تُخرجها عن مسار المغالطة؛ إذ الغالب في تناول المغالطات هو محاولة ترسيم حدودها وتسوير مناطقها التَّابعة لها، بينما تقلُّ حدَّة النَّظر وإجالته في الحدود والمناطق التي تُفارقها حُكمًا وإن تبعتها صورةً وشكلًا...