بلغ نبينا محمد(صلى الله عليه وسلم) الغاية القصوى من الكمالات البشرية، وحاز المقام الأسمى من الأخلاق الإنسانية، فكان عبدا كريما، رؤوفا رحيما، خاشعا لله، متواضعا بين الناس، يخصف نعله، ويخيط ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه.
يجلس إلى الناس، ويختلط بهم، حتى لا يكاد يعرف من بينهم، فيحدثهم، ويعظهم، ويأمرهم، وينهاهم وربما ضاحكهم، ومازحهم، ولاطفهم.
وكان كغيره من البشر، يحب ويبغض، ويرضى ويسخط، ويفرح ويحزن، ويضحك ويبكي، ويتذكر وينسى.
وكان يناظر ويحاور، ويقيم الحجة باللسان الفصيح والبرهان القاطع، ومع ذلك فهو يصبر على المحجوج ويصغي للمخالف، ويحتمل من الناس أذاهم.
وكان يغضب ويعتب، ويعزز ويؤدب، ويعاقب ويحفز. وله محبوباته ومرضياته، ولديه همومه واهتماماته وعنده ما يشغله وذكرياته .
ولهذا توجه القصد إلى الكشف عن بعض أحواله الشريفة، ومحاسن شؤونه المزيفة.
وفي هذا الكتاب جملة صالحة من ذلك، لمن رغب في مزيد من العلم والمعرفة بحال نبي الرحمة، فيستن بهديه المستنون، ويقتدي به المقتدون، ويسير على دربه السالكون.