لماذا هذا الكتاب؟
لا شك أنك حينما تضل الطريق الصحيح فإن عاقبة ذلك تيه في الدنيا وتخبط في الأرض، لا يعلم متى ينتهيان إلا ربك الجليل، كما إنك لو سلكت طرقاً ملتفه وغير مباشرة، ربما تصل ولكنك ستتأخر كثيراً عمن سلك الطريق المستقيمة التي تقطع رحلة الوصول مباشرة، بالضبط هذا ما ينطبق على طريق التغيير الذي ينشده الجميع، فالبعض يتمسك في هذا الطريق بأفكار بالية، وفلسفات فارغة، لن تؤتي أكلها أبداً، وإن أتت أكلها فضعيف لا يكاد يطعم جائعاً أو يروي ظمآناً والبعض الآخر يمسك الطريق الصحيح ويعرفها جيداً، ولكن معرفته لا تتجاوز رأسه، لا يعمل بما يعرف، واقف مكانه كحجر أصم، تأتيه الريح من كل مكان، تأكله من كل جانب، تنهش عظامه، تفت من قواه، وهو لا يحرك ساكناً، كأبي الهول يتغير عليه الزمن، وتتعاقب عليه الأجيال، وما زال جسمه جسم أسد والرأس رأس إنسان، لا هو استخدم الفكرة في رأس الإنسان ولا استثمر قوة جسم الأسد، تراه هل يفعلها في يوم ما؟ أشك والحكيم من عمل بما علم، فلا فائدة لعلم بينه وبين العمل قطيعة، ولا رجاء من إنسان عرف الطريق الصحيح وحاد إلى غيره وكأني بهدهد سليمان عليه السلام يهتف في أذنيك بعد طول مسير، وجد في الطير، وعناء في السفر، فيقول بفطرته النقية التي لم تلوث بعد: " أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍۢ يَقِينٍ" يقين لا مراء فيه، أن كل طريق تسلكه غير طريق الأنس بربك هو سراب لن تجد بعده ما يطفئ ظمأ نفسك، ولا ما يسد جوع بطنك، ولا ما يحرر مجامع عقلك، ولا ما يعالج خواء روحك فاسلك طريق الأنس تسعد، وشد في الطريق وجد، فلعلك في نهايته تسمع "إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ"، إعلاماً منه لك بلحظة الوصول وفرحة القرب وجمال الأنس ومن أجل تلك اللحظة سعيت في هذا الكتاب لننطلق سوياً من الظلمة إلى النور، من العلم بلا عمل إلى العمل بالعلم، من الوحشة إلى الأنس، وقد وسمته بعنوان آنست ربي- استمتع برحلة الطريق وفرحة الوصول- .
د. محمد محجوب